الحمد لله الذي يفيض علينا من فضله وكرمه ما لا يعد ولا يحصى. نحن نعيش في عالم مليء بالنعَم. لكن كم مرة نتوقف لنتأمل في هذه العطايا التي تغمر حياتنا؟ كم مرة نرى الناس يلهثون وراء مقاييس الدنيا، غافلين عن المقاييس الربانية التي تفوق كل ما في هذه الدنيا من كمالات؟ الله سبحانه وتعالى يفيض علينا من نعمه كل يوم. لكنه يوزع عطاياه بحكمة وإرادة لا تضاهى. وكما جاء في سورة الإسراء، يؤكد الله تعالى: “كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا”. هذا العطاء لا يميز بين الناس إلا بما تقتضيه إرادة الله.
المقاييس الربانية تفوق كل المقاييس الدنيوية
في عالمنا اليوم، نجد الكثيرين يتسابقون للحصول على مقاييس النجاح الدنيوية، سواء كان ذلك في المال، الشهرة، أو السلطة. لكنك إذا أمعنت النظر، ستجد أن المقاييس الربانية هي التي تستحق السعي الحقيقي. الله سبحانه وتعالى يمنح العطايا للجميع، ولكن لا يُحرم أحدٌ من عطائه إلا بحكمته البالغة. “وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا” هو تذكير لنا جميعًا بأن العطاء الحقيقي يأتي من الله، وهو ليس محصورًا في النعم المادية، بل يتعداها إلى النعم الروحية والمعنوية التي تغذي القلب والروح.
لا تغفل عن عطاءات الله اليومية
كل يوم يمر علينا هو فرصة جديدة لنشكر الله على عطاياه الكثيرة. في حياتك اليومية، قد تغفل عن بعض الأمور البسيطة التي قد تكون هبات من الله. الهواء الذي نتنفسه، الصحة التي ننعم بها، وحتى القدرة على العمل والإنجاز هي جزء من هذا العطاء المستمر. “وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا” يذكرنا بأن الله لا يحرم عباده من نعمه إلا بحكمته. لذلك، من المهم أن تتوقف لحظة كل يوم للتفكر في عطايا الله التي لا تنقطع.
السعي وراء المقاييس الربانية
بدلاً من اللهاث وراء ما تقدمه الدنيا من زينة زائلة، لماذا لا نركز على ما يقدمه الله من عطاءات دائمة؟ السعي وراء المقاييس الربانية يعني أن نعمل لنيل رضا الله قبل كل شيء. عندما تضع في قلبك أن كل ما تناله هو من عطاء الله، ستشعر براحة نفسية لا مثيل لها. “وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا” يشجعك على أن تكون شاكرًا لما تناله من نعم، مهما كانت بسيطة في نظرك.
الحكمة في توزيع العطاءات
الله سبحانه وتعالى يوزع عطاءاته بحكمة تتجاوز فهم البشر. قد ترى أن شخصًا ما نال من المال ما لم تنله أنت، ولكن قد يكون عطاؤك في شيء آخر قد غفلت عنه. “وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا” يعلمنا أن الله يرزق من يشاء بغير حساب، ولكن بحكمة لا يدركها إلا هو. لذلك، عندما تجد نفسك تتمنى شيئًا لم تنله بعد، تذكر أن الله قد أعطاك ما قد يكون أفضل لك في الوقت الحالي.
العطاءات غير المادية
العطايا ليست مادية فقط، بل يمكن أن تكون معنوية وروحية أيضًا. الصحة، الحب، السلام الداخلي، والعائلة كلها جزء من عطاءات الله التي لا يمكن قياسها بمال الدنيا. “وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا” هو تذكير بأننا يجب أن نقدر هذه العطايا بقدر ما نقدر النعم المادية. كم مرة نجد أنفسنا ننسى شكر الله على نعمة الصحة حتى نفقدها؟ هذا العطاء المستمر يستحق منا الشكر والتقدير.
كيف نعيش بعقلية العطاء
إذا كنت ترغب في العيش حياة مليئة بالرضا والسعادة، عليك أن تتبنى عقلية العطاء. عندما تضع في قلبك أن كل ما تناله هو من فضل الله، ستبدأ في رؤية الحياة من منظور مختلف. ستشعر بالامتنان لما لديك، وستتوقف عن مقارنة نفسك بالآخرين. “وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا” يدعوك لأن تكون راضيًا بما قسمه الله لك، وأن تسعى جاهدًا لتقديم ما يمكنك تقديمه للآخرين من حولك.
أهمية الشكر والتقدير
الشكر والتقدير هما مفتاح الاستمرار في نيل عطاءات الله. عندما تشكر الله على نعمه، فإنك تعزز من قيمة هذه النعم في حياتك. الشكر يعيد ترتيب أولوياتك ويذكرك بما هو مهم حقًا. “وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا” يعلمنا أن الله يستمر في العطاء طالما نحن نستمر في الشكر والتقدير. لذا، لا تنسَ أن تكون شاكرًا دائمًا، وتذكر أن كل نعمة، مهما كانت صغيرة، هي من عطايا الله.
الختام: عيش حياة من الامتنان
في نهاية المطاف، كل ما نملكه هو من عطايا الله التي لا تحصى. “وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا” يذكرنا بأن الله يعطي بلا حدود، وأن علينا أن نعيش حياتنا بامتنان وتقدير لكل ما نملكه. لذا، دعنا نبدأ يومنا بالشكر على كل نعمة ونتذكر دائمًا أن عطاء الله لا ينقطع ولا ينفد.
اكتشاف المزيد من BaytiWorld Magazine
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.